qistas blog logo
مدونة الباحث القانوني
 
 
 
 
التكييف القانوني و القضاء

التكييف القانوني و القضاء

 

التكييف القانوني: تعريفة و أهميتة

قد يكون التكييف القانوني للوقائع من اهم التحديات التي تواجه المحامي في التعامل مع القضايا التي توكل اليه. والتكييف القانوني هو تحديد الوصف القانوني الصحيح للوقائع القانونية، أو التصرف القانوني، مما له اثر كبير على التبعيات القانونية للوقائع والتصرفات كون التكييف هو الأساس الذي يحدد النص أو النصوص والقواعد القانونية واجبة التطبيق.

ولقد استقر العرف على أن صلاحية التكييف القانوني للوقائع حصرياً للقضاء بمعنى أن القاضي هو الفيصل المهيمن في التكييف السليم بغض النظر عن وجهة نظر المحامي. وهذا مما يجعل من الضرورة بمكان أن يتأكد المحامي من سلامة التكييف حتى لايجازف بحقوق الموكل.

التكييف القانوني بين القاضي و المحامي

وفي مثال عن رفض القضاء التكييف المقدم من المدعي ما صدر من محكمة تمييز/حقوق/الأردنية/رقم(2018/8835)/تاريخ(2019/3/17)/هيئة ثلاثية/منشورات قسطاس، حيث اعتبرت ان قيام المدعي بوظيفة موزع جرائد لدى احدى الصحف واقعة قانونية تندرج تحت عقود المقاولة وان وصف المدعي الواقعة القانونية على انها عمالية غير صحيح بالرغم من تحديد صاحب العمل زمان ومكان توزيع الجرائد الا ان ذلك لايعتبر تبعية قانونية تبرر وصف الواقعة القانونية على انها عقد عمل فذلك من مقتضيات العمل وامر بديهي لايفسر على انه يقع تحت معنى الاشراف والتبعية الخاص بعقود العمل عن غيرها.

وفي مثال اخر لرفض المحكمة التكييف المسند من النيابة العامة في الافعال الجرمية ما جاء في قرار محكمة/تمييز/جزاء/الأردنية/رقم(2018/3748)/ تاريخ (2018/12/31)/هيئة خماسية/منشورات قسطاس، حيث اسندت النيابة العامة تهمة الاختلاس على واقعة قام بها المتهم ببيع كتب رسمية أثناء ممارسة وظيفته في وزارة التربية والتعليم والاحتفاظ بثمن هذه الكتب دون ايداعها لصالح وزارة التربية والتعليم

الا أن محكمة التمييز في المثال السابق وعند البحث في نية المتهم لم تجد ما يدل على وقوع الاختلاس. ورأت أن المتهم لم تتجه ارادته الى تملك المال وعدم ارجاعه. ورأت أن الاحتفاظ باثمان الكتب الرسمية يعتبر من قبيل الاهمال الوظيفي. وبالتالي تحويل الوصف الجرمي عن الفعل من جناية الاختلاس الى جنحة الاهمال الوظيفي.

وعلى الرغم مما ورد يبقى من واجب المحامي طبعاً أن يعظم مصلحة الموكل في اطار القانون، وقد يكون ذلك احياناً في محاولة تكييف الوقائع بطريقة مختلفة عن المعهود لاستبعاد النصوص التي لاتخدم مصلحة الموكل. ولاسيما أن رفض المحكمة لتكييف المحامي لايشكل سبباً لرد قضيته، فالقضاء في هذه الحالات يعيد تكييف القضية ويطبق النصوص القانونية الواجبة التطبيق بناءً على تكييفه القانوني.

مخاطر المجازفة في التكييف

ولكن هناك حالات قد يكون المجازفة في التكييف الخاطىء ضرراً بمصلحة أحد اطراف القضية. ربما يكون مثالاً على ذلك مضمون قرار محكمة/تمييز/ جزاء/ رقم(1998/243)/تاريخ(1998/5/6)/هيئةخماسية/منشورات قسطاس، حيث تقدم المشتكي بدعوى جزائية موضوعها شك بلا رصيد بينما تمسك المشتكى عليه امام المحكمة باعتبارأنه كتب الشك بلا تاريخ و الذي يخضع للعقوبة الأخف وفقا لاحكام المادة 75 من قانون التجارة الاردنية. الا ان محكمة التمييز رفضت دفع المشتكى عليه بتكييف الواقعة القانونية على انها شك بلا تاريخ على الرغم من الإختلاف الواضح وفق الخبرة بين خط التاريخ و خط باقي الشيك ذلك لأن المشتكى عليه لم يقدم أي بينة على أن المشتكي كتب التاريخ أو لم يفوض المشتكي بكتابته آخذة بالاعتبار صراحة سوء نية واستغلال المشتكى عليه لدرايته بالقانون وبالتالي طبقت عليه عقوبة السجن لمدة سنة وفقا المادة 421من قانون العقوبات.

ولاشك أن عملية التكييف القانوني للوقائع تتطلب معرفة ودراية وخبرة بالقانون بتطبيقاته العملية. وسنقوم في مقالات لاحقة بالتصدي بعمق لأكبر لتحديات في عملية التكييف القانوني اضافة الى توفير ارشادات عملية عن كيفية الاستفادة من قسطاس في هذا المجال.

هل وجدت هذه المقالة مفيدة ؟