لابد أن موضوعي القوة القاهرة والظروف الطارئة ومجالات تطبيقهما يطرحان نفسهما بقوة في هذه المرحلة وخاصةً مع الظروف التي يفرضها إنتشار فيروس كورونا. وقد أشار القانون المدني الأردني للقوة القاهرة في المادة (247) بأنه ” في العقود الملزمة للجانبين اذا طرأت قوة قاهرة تجعل تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى معه الإلتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه “، منشورات قسطاس. أما بالنسبة للظروف الطارئة فأشار في المادة (205) بأنه ” اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الإلتزام التعاقدي وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة جاز للمحكمة تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن ترد الإلتزام المرهق الى الحد المعقول إن اقتضت العدالة ذلك” م.قسطاس.
وبناءً عليه يترتب على ثبوت القوة القاهرة إنقضاء الإلتزام وفسخ العقد حكماً، بينما تتيح الظروف الطارئة للقضاء إمكانية رد الإلتزام إلى الحد المعقول . إلا أن المشرع لم يحدد بالدقة و بالتفصيل الظروف التي تشكل قوة قاهرة أو ظروفاً طارئة، وإنما ترك ذلك لإجتهاد المحاكم والقضاء. لذا نستعرض على عجالة بعض قرارات محكمة التمييز في الأردن لإلقاء الضوء على تعامل القضاء مع هذين المفهومين على سبيل المثال لا الحصر طبعاً.
(1) تطبيقات القوة القاهرة.
- في القرار رقم 78/ 1963/تمييز/حقوق، م.قسطاس، إعتبرت المحكمة أن مجرد إغلاق الحدود بين الأردن وسوريا لايشكل قوة قاهرة تخلي المميز من المسؤولية التعاقدية، بينما قررت في القرار رقم 396/ 1972/ تمييز/حقوق، م.قسطاس، أن أحداث أيلول لسنة 1970 تعتبر قوة قاهرة تمنع العامل من القيام بعمله. وفي القرار رقم 20/ 1987/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن القررات والأوامر الإدارية الواجبة التنفيذ تشكل قوة قاهرة لإن شرطي إستحالة التوقع وإستحالة الدفع تتوافر بهما.
- في القرار رقم 1969/ 1997/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن الحريق الناجم عن استخدام أدوات والآت وأشياء تستعمل بعض أنواع الطاقة الكهربائية لا يشكل قوة قاهرة، بينما في القرار رقم 1164/ 1999/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة بأن الحريق الناجم عن الكهرباء الساكنة نتيجة تعرض البضاعة للرياح الشديدة يعتبر قوة قاهرة، وفي القرار رقم 3030/ 2016/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن الحريق الممتد من أحد الهناجر للآخر هو من الأمور غير المتوقعة ويعتبر قوة قاهرة .
- في القرار رقم 113/ 2012/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن سرقة حمولة الشاحنة بواسطة مسلحين تعتبر قوة قاهرة، بينما لم تعتبر السرقة قوة قاهر في القرار رقم 1206 / 2019/ تمييز/حقوق، م.قسطاس.
- في القرار رقم 461/ 1985/تمييز/حقوق، م.قسطاس، إعتبرت المحكمة بأن صقيع الكوانين في أوروبا متوقع ولايعتبر قوة قاهرة لغايات التوريد. أما في القرار رقم 395/ 1966/تمييز/حقوق، م.قسطاس فاعتبرت المحكمة فيضان مياه الأمطار على أوراق المحكمة وإتلافها قوة قاهرة. ومع ذلك لم تعتبر فيضان مياه الأمطار على المحاصيل الزراعية قوة قاهرة في القرار رقم 4277/ 2019/تمييز/حقوق، م.قسطاس .
(2) تطبيقات الظروف الطارئة.
- في القرار رقم 1013/ 1992/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن الظروف التي حلت بالمملكة بسبب تقويم الدينار وإنخفاض سعره لاتشكل ظروفاً طارئة وخاصةً أن الإلتزام موضوع المطالبة قد نُفذ قبل إقامة الدعوى، بينما في القرار رقم 2538/ 1998/تمييز/حقوق، م.قسطاس أقرت المحكمة بأن إنخفاض سعر الدينار يشكل ظرفاً طارئاً يستوجب الموازنة بين المتعاقدين.
- في القرار رقم 1618/ 1998/تمييز/حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن نفوق دجاج المدعى عليه بسبب مرض النيوكاسل يشكل ظرفاً طارئاً، بينما لم تعتبر إغلاق ستاد عمان الدولي بسبب مرض الأعشاب ظرفاً طارئاً في القرار رقم 3534/ 2005/تمييز/حقوق، م.قسطاس.
- في القرار رقم 461/ 1985/تمييز/حقوق،م.قسطاس ناقشت المحكمة شروط توافر الظروف الطارئة فاعتبرت أن الصقيع الذي يتذرع به المميزان كان متوقعاً ولايشكل ظرفاً طارئاً، وفي القرار رقم 472/ 2011/ تمييز/ حقوق، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن الأحوال الجوية الماطرة لاتشكل ظرفاً طارئاً تجعل تنفيذ الإلتزام مرهقاً. أما في القرار رقم 2701/ 2015/تمييز/حقوق، م.قسطاس فاعتبرت المحكمة أن الظروف البيئية والحرارة والرطوبة تشكل ظروفاً طارئة .
- في القرار رقم 375/ 2001/تمييز/جزاء، م.قسطاس إعتبرت المحكمة أن الحالة الصحية للمستأنف التي حالت دون تقديمه الإستئناف خلال المدة القانونية لاتشكل ظرفاً طارئاً، بينما أيدت محكمة التمييز دور محكمة الموضوع في وزن البينات بإعتبار الحالة الصحية للمدعي تمثل ظرفاً طارئاً في القرار رقم 456/ 2019/ تمييز/ حقوق، م.قسطاس.
بناءً على قراءة أولية لعدد بسيط من القرارات لايبدو أن هنالك استقرار قضائي فيما يتعلق بحالات القوة القاهرة والظروف الطارئة حتى في الظروف المشابهة. ولكن بطبيعة الحال فإن الموضوع قد يتطلب دراسة إستقرائية وتحليلية أشمل من قبل الباحثين لاسيما لشدة الحاجة لرصد وفهم التوجهات القضائية حول هذين الموضوعين في هذه الأوقات.
قسطاس يوفر قاعدة مرجعية شاملة للأحكام والتشريعات باللغتين العربية والإنجليزية ويشمل ملفات خاصة بأهم المستجدات التشريعية والمسائل القانونية.